في لحظات معينة من حياتنا، نجد أنفسنا واقفين على حافة قرار كبير. ليس بالضرورة أن يكون هذا القرار مصيريًا أو دراماتيكيًا، لكنه في داخله يحمل ثقلاً، لأنه يُشكّل مسارًا جديدًا لحياتنا. في تلك اللحظة، يغلفنا صمت داخلي عميق. سكون لا يشبه أي سكون آخر؛ هو ليس فراغًا، بل امتلاء بالتفكير، بالتردد، بالمقارنة، وربما بالخوف.

هذا السكون هو فرصة. فرصة لنسمع أنفسنا بعيدًا عن ضجيج العالم، بعيدًا عن الآراء المتقاطعة والنصائح المتدفقة. هو لحظة صدق نادرة مع الذات، نعيد فيها ترتيب أفكارنا، نُمحّص أولوياتنا، ونستحضر تجاربنا السابقة بكل ما تحمله من دروس. هناك، في عمق هذا الصمت، تبدأ ملامح القرار بالوضوح.

قد نظن أننا نحتاج إلى إجابات فورية، لكن الحقيقة أن القرار الناضج لا يولد في العجلة. بل يُصنع في هدأة اللحظة، حين نُصغي جيدًا لما بداخلنا. السكون إذًا ليس ضعفًا، بل قوة خفية تمنحنا البصيرة، وتفتح أمامنا طريقًا أكثر وضوحًا.

ففي زمن يُغرقنا بالتسرع، لا بأس أن نتأنى. لا بأس أن نصمت قليلاً، أن ننتظر حتى ينبثق القرار من داخلنا لا من حولنا. فربما يكون السكون الذي يسبق القرار، هو نفسه الخطوة الأولى نحو التغيير.