في زمنٍ تتسارع فيه وتيرة الحياة، وتتشابك فيه الأصوات والضوضاء من كل الجهات، تبدو العزلة كأنها ترف لا يجرؤ عليه الكثيرون. لكنها، في حقيقتها، حاجة إنسانية عميقة. ليست العزلة هروبًا، بل هي لحظة للتنفس، للعودة إلى الذات، للتفكّر في ما مضى، والتخطيط لما هو آتٍ.

كم من فكرة عظيمة وُلدت في لحظة صمت؟ وكم من روح منهكة وجدت شفائها في زاوية هادئة؟ العزلة ليست انقطاعًا عن العالم، بل تواصلٌ مختلف معه، تواصل داخلي يعيد ترتيب الفوضى التي تسببت بها الحياة اليومية.

وللعزلة أشكال عديدة؛ فمن الناس من يجدها في غرفة صغيرة تحت ضوء خافت، ومنهم من يعثر عليها في مقهى مزدحم، حيث لا يعرفه أحد. وهناك من يهرب إلى الطبيعة، ليتحدث إلى الأشجار والريح والماء. المهم ليس المكان، بل اللحظة التي يُسمح فيها للعقل بأن يكون على سجيّته، وللقلب أن يسمع نفسه دون ضجيج.

في العزلة، لا نكون وحدنا… بل نكون مع أنفسنا.